10Mar

لولا الرجوع إليك بعد كل سقوط ، ما أشرق فينا صباحٌ جديد ..

ولا تنفسنا هواءً نقيًا ، يعيد إلينا ما جفّ في تلك العروق ..


إننا نذبل كل يوم حين ننغمس في صغائر الأمور ، نشيخ ونشيب كلما طالت الخطا عنه وبعدت المسافات و أصبح الطريق إليه وعرًا جدًا .. ونحيا كلما أمطرت علينا سماء أو حلّت الرحمة على أراضٍ عِطاشٍ في دواخلنا .. لقد أعطانا أطواق النجاة لكي ننجو من لجج الحياة ،ومن بحرها الهائج .. تلك الأطواق التي لم نلتفت لها كثيرًا ، ولم نُعِرها إلا أذانًا وقلوبًا لاهية .. سيضل القلب يعتصر الألم ويعاني الغصص ما دمنا نطالع تلك الأنوار من بعيد .. سيضل الظلام يحيطنا ما لم نقرر أن نخطو نحو النور مجرد خطوة .. نسافر بها من عالم التيه إلى سعادة الهدى .. سيضل الظلام في حنايانا ، ما لم نفرك العينين ونحاول الاستيقاظ من جديد ..

{ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلةٍ معرضون * ما يأتيهم من ذكرٍ من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون * لاهية قلوبهم } !

إنه يصف شوارعنا ، طرقاتنا ، أسواقنا ، بيوتنا ، مجالسنا ، أحاديثنا ، تفاصيلنا الصغيرة حتى تلك الغرف الخلفية في قلوبنا ! .. 

نمارس المرور بعيونٍ مغمضة وقلوبٍ مقفلة .. 

هلّا سمحنا للنور أن ينفذ من شبابيكنا المغلقة .. فالأفراح تبدأ في الإتجاه نحوه ، والسعادة تولد في لحظات الإقتراب .. لا شئ يشبه ربيع الحقيقة رغم كل مقدماتها الباردة .. شئ يشبه أن تعتاد على الجلوس في غرفة مظلمة ، ثم تجرب أن تفتح بيديك المهملتين نافذةً قديمة ،فيتسلل النور إلى أنحاء الغرفة ، وفي حناياك .


" أعوذ بك من دعوةٍ بلا رد ، وعينٍ بلا نور "

04Mar


بعضنا قد يجد حرجًا في أن يطلب العون من أخٍ أو صديقٍ أو قريب .. وكثيرٌ منّا يحاول الإكتفاء بذاته ، والإستغناء قدر المستطاع عن البشر .. و لو عصفت به رياح الهم أو أثقلته الأحزان بان له ضعفه.. وحاجته للعون والمسانده .. فقد يأتي العون على شكل فعلٍ أو قد يأتي على شكل قول .. وقد يكون وجود هذا الشخص دون أن يفعل شيئًا هو عونٌ بحد ذاته ! 

كان دائمًا ما يذهلني طلبه .. يجعلني أقف كثيرًا .. أتساءل أكثر .. “ لماذا لم يختر أن يكون أفصح لسانًا أو أكثر بيانًا “ .. لماذا موسى عليه السلام بالذات ؟! .. وهو ( كليم الله ) !  .. 

يندر أن تجد بالحياة من يقف بجانبك ويسندك .. كثير منّا يتمنى طيف أخ أو ظل صديق .. ما أضعف الإنسان إذ هو يحتاج للعون والسند دائمًا .. لقد أدرك الله سبحانه هذه الحاجة .. فلم يلم موسى على طلبه .. بل حقق له حاجته { قد أوتيت سؤلك يا موسى * ولقد مننّا عليك مرّه أخرى } .. لقد قال له سبحانه أنها منّه أخرى ! .. أن قد رُزِقْتَ بأخٍ معينٍ لك تلك منّه ونعمة أخرى عليك .. 

حاجة الإنسان للعون :

{اشدد به أزري }

قوي به ظهري ، أجده حينما أسقط ،حينما أعثر ..سندًا وظهرًا وعَضُدًا قويًا .

{وأشركه في أمري }

في أخص أموري وأهمها ، يعيشها معي كما لو أنها له .. يشاركني إياها كما لو أنها تخصّه .. أقتسم مشاغلي ومتاعبي معه لأستطيع التماسك وإكمال المسير في الحياة .. أراه حين أحمل أثقل الأعمال يحملها معي ،فيخف حملها ويسهل انجازها .. 

{كي نسبحك كثيرًا}

ربما يستطيع الإنسان أن يقوم بالطاعات وحده ، و وجود الأخ المعاون بالقرب خير داعم ومحفز للثبات والاستمرار .. فالأخ مرآة نبصر بها عيوبنا ، ويد تمتد لنا حين تعصف بنا رياح الكسل ، وتأكل قلوبنا الغفله ..

{ ونذكرك كثيرًا }

ولا يزال للمشاركه طعمٌ مختلف ، حين تكون المشاركة في محابِّ الله عز وجل .. يصبح في تلك المشاركة كلا الطرفين طيران محلقان في سماء بديعة لا حصر لها ولا حد .. توصلهما إلى الروح والريحان والجنّات الواسعة بإذن الرحمن .

{إنك كنت بنا بصيرًا }

والإشتراك في الرؤية الباطنة .. في الإيمان الداخلي .. في اليقين المشترك .. أن أعرف أنك تبصر بقلبك ما أبصره بقلبي .. أن يشارك الإنسان أرهف مشاعره من خشية وخوف ومراقبة إنسانًا آخر يحمل ذات الشعور .. 



“ {وأشركهُ في أمري} .. ليست عنواناً لمحتوى نقرؤه سريعاً ثم نطوي عنه صفحًا مهرولين إلى أعمالنا .. ولا حروفاً تتبعثر على شفاهنا ثم ما نلبث أن ننساها .. ولا هي خاطرة بعيدة عن تكوين أرواحنا !

إنها آية عظيمة .. اختصرت مسافات الرّوح لتصلَ إلى عُمق المقصد الإلهي، وكلمات ربّانية في غاية الجمال .. ذات دلالة عميقة على طبيعة الذات الإنسانية .. حملت في معانيها جرعات من الحبّ، وباقات من الأنس ..

"وأشركهُ في أمري" لفتة حُبّ تختصر مسافات الرّوح لتأكد لنا ضرورة المشاركة لنستمر وننجز، فالفردُ منّا مهما كانت مواهبهُ وقدراته، ومهما كانت شخصيته؛ إلا أنه يبقى في احتياجٍ دائم لشريك يشدُّ من أزره، ويؤنسه .. 

"وأشركهُ في أمري" لفتة للشراكة في الهدف والمعنى، ودعوة للتأمل والتفكر في آيات القرآن الكريم..

"وأشركهُ في أمري"لمعةٌ قرآنية تلفتنا إلى أنّ من يشاركنا حياتنا بتفاصيلها.. ـفي أفراحنا وأحزاننا.. في أُنسنا ووحشتنا.. نجاحنا وخسارتناـ ليس شخصا عادياً! بل هو رفيق الطريق والملهم فيه!

"وأشركهُ في أمري" أعمق مما نظن.. وأرقّ مما نشعر.. آية تختصر مسافاتٍ في الحياة..” 

( آلاء صقر )


كيف كان هارون لموسى عليه السلام ، أو كيف كان موسى لهارون عليه السلام .. ومن تتبع الآيات في هذا السياق ذهل من هذه العلاقة الجميلة والعميقة جدًا .. التي كانت الشراكة فيها في كل شئ، في الغاية والهدف ، في الحل والترحال ..


إن أخاك الحق من كان معك

ومن يضر نفسه لينفعك 

ومن إذا ريب الزمان صدعك

شتت فيك شمله ليجمعك


وخير الصداقة ، أخوة الرحم .. وقد قيل لحكيمٍ: أيهما أحبّ إليك: أخوك أو صديقك؟ فقال: "أخي إذا كان صديقي" ..

و قد لا يمنحك الله تعالى هذا الأخ أو ذاك الصديق في الدنيا ، لكن الله يعلمنا في هذه الآيات أننا سنضل ضعفاء وبحاجة إلى السند دائمًا .. و لا يشقى مؤمنٌ كان سنده مولاه وخالقه .. ومن يرفع يديه إلى الله طالبًا فإنه تعالى لا يرد يد عبده صفرًا خائبتين .. هكذا تُعلمنا دعوة موسى عليه السلام .. وفي عمق هذه الآيات ما هو أكثر مما قيل وأكثر مما سيقال ..

والله المعطي وهو أكرم الأكرمين ()

04Feb

وفي لحظة ، تعصف بك فيها هواجس الذكريات ، لِتُريَك على صفحات الليل وجوهًا كانت في سماء حياتك بدورًا .. وفي ليلةٍ شاتية كما هذه .. يأتيك نبأ الرحيل ، باردًا كالثلج ، ملتهبًا جدًا كالنار .. ليتركك في وهلةٍ منفصلاً عن كل هذا الكون ، تبحث في ذاتك عن بقاياهم .. عن شئ تلتحف به من برد الصدمة .. 

جاء نبأ رحيلك ذات يومٍ .. باردًا جدًا .. تركت بقايا حديثك ، ضحكاتك ، مجلسك .. ليكون الخميس الذي بعده ، أشد علينا من عواصف الشتاء .. التحفنا الصمت يومها .. كنّا ننظر إليك ، لقد كنت هنا .. لم يستطع أحدٌ منّا الحديث .. كلنا كان يغالب دمعة في عينه و فقدًا في قلبه ..

لم يجلس أحدٌ مكانك .. ظل فارغًا أشهرًا عديدة .. أصبحنا نتكلم عنك ، كما لو أنك قريبٌ جدًا ..

أخبرتني ذات يومٍ أنك سمعت في الصباح قارئًا يقرأ الكتاب في المذياع .. دمعت عينك وأن تقول لي أنك كنت تسمعها كأنك تسمعها لأول مره .. لم أعرف حينها ،لِمَ كنت توجه هذا الخاطر في نفسك لي ، لماذا أخبرتني به ؟.. لكني انغمست في فكرة :” أن الله عز وجل قد يرحم عبدًا لدمعة سقطت يومًا ولم يلق لها بالاً “ ..

كُنتَ دائمًا ما تطفئ الخلافات .. تنتهي المشكلة حين تدخل أنت .. محبوبًا عرفتك ، كان مجلسك عامرًا بالناس .. كنت أتسلل لهذا المجلس في صغري .. وأسرق منه أوراق ( البلوت ) و الدفتر الذي كنتم تلعبون فيه ، لأرسم عليه ..

كُنتَ حريصًا أن تجمعنا ، تسأل عن كل فردٍ منّا إذا غاب و تتفقدنا وتتفقد أحوالنا ..

كنت السند لوالدتي.. و أحب شخصٍ لها في الحياة .. يمكنك أن تتصور كم هي تفقدك الآن .. لا أزال أذكر عينيها ، نبرات صوتها ، قلبها المتفطّر .. وهي تزورك على السرير الأبيض قبل رحيلك بأيام .. كانت تود لو أنها تترك كل العالم وتجلس عندك في تلك اللحظات ..


ولأن اللقاء لا ينتهي هنا ..

نسألك يا رب أن تجمعنا بمن نحب في جنّاتك .. يا أكرم الأكرمين .

16Dec


من الجيد كما يقال : “ أن نقول للمسيء أسأت ، وللمحسن أحسنت “ .. “ أسأت “ وإن كانتِ الإساءةُ صغيرةً جدًا ، “ أحسنت “ وإن كان العَملُ صغيرًا جدًا .. لا أعرف إن كان من طبع البشرِ أو من أخطاءنا الكبرى أن نُركز على الإساءات في مجمل الوقت .. نكون دقيقين جدًا حين نُحاسِب على الخطأ .. بِيَدِ أننا لا نفعل ذات الأمر مع الفعل الصغير الجيد .. وخصوصًا حين يصدر ممن يحاول إصلاح نفسه .. قد نَعْقِد الجلساتِ الطويلة والنقاشاتِ الكثيرة لأجلِ خطأ صغير ، نُفنِد عواقبه وآثاره وما تَرتب على فعله .. وأتساءلُ في هذا الوقت، هل بإمكاننا أن نقوم بمثل هذه الجلسات لإحسانٍ صغير ،نُظهر فيه فرحنا به وتشجيعنا لصاحبه ، فنقول له بكل الحب أننا سعيدون بما قُمت وأننا سنكون معك دائمًا .. 


كان يُخطِئ دائمًا ، كان يَعرِف باستمرار أنه قد أخطأ .. وقد عوقب على خطئِهِ ذاك كثيرًا ..  وقيل له : “ أسأت “ في الوقت المناسب .. وحين أراد التغيير .. أحسن وبدّل وغيَّر .. وحين أراد الآن التعقيب الجاد على عمله .. لم يقل له أحدٌ “ أحسنت “ في الوقت المناسب !! 

كلنا ذاك الذي يَسقُط في الأخطاء ويَتعثرُ بها في حياته .. ومنّا من يَقودُه جهله إلى الخطأ ومنّا من يَتعمَد فعله .. ومِنْ رحمة الله أن خَط الرَجعةِ مفتوحٌ دائمًا .. وأيًا كان ذلك الخطأ الذي وقعنا فيه فيمكننا إصلاحه بعون الله .. غير أن البعض يحتاج حين يكون في طريق الرجعة إلى ( تشجيع ) .. التشجيع حين يَفعل الصواب ويُجاهد نفسه لإصلاح الخطأ .. فالطريق للإصلاح قد لا يكون هينًا سهلاً عليه .. وكل عملٍ بسيط يقوم به في هذا الطريق يكون هو فيه بحاجةٍ ماسةٍ لكلمة صغيرة .. لملاحظة بسيطة .. أو ربما .. 

لـ “ أحسنت “ في الوقت المناسب .


كان يَعمَل دائمًا و يَجتهِد كثيرًا .. وحين أخطأ مرةً .. وظَهَر خطأه .. عُوقِبَ عليه ،ولم يُغفر له .. وتم نسيان أوتجاهل جميع إجتهاداته ومحاولاته .. لقد قيل له “ أسأت “ في الوقت المناسب حين ظَهر الخطأ .. ولم يُقل له “ أحسنت “ حين كان يحتاجها دائمًا .. 

نُكَلَف أحيانًا بمهام واجبةٍ علينا ، لكننا في ذاتِ الوقت،نحتاج للتشجيع لكي نستطيع تحمل تكاليف ومشاق ذلك العمل ، وقد تكون “ أحسنت “ دافعًا لتحمل كثير من السأم والضجر والتعب المصاحب لتلك المهمة .. 

“ كان الإمام البخاري رحمة الله تعالى يفعل ذلك - أي : التشجيع - مع الورّاق ، فقد كان يملي عليه الإمام الأحاديث وهو يكتب في الورق، فكان يكثر جدًا في الإملاء، فيخشى أن يمل الرجل رغم أنه كان يأخذ أجرًا على هذا، فكان يلاطفه ويواسيه ويشجعه باستمرار كي لا يمل، يقول الوراق : (فأملى علي يومًا-أي الإمام البخاري- أحاديث كثيرة فخاف مللي، فقال: طب نفسًا فإن أهل الملاهي مع ملاهيهم، وأهل الصناعات في صناعاتهم، والتجار في تجارتهم، وأنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ) يقول له : طب نفسًا، وهذا تشجيع وثناء عليه، وتسلية له ومواساة على هذه المشقة التي يتحملها “


قد نخسر الكثير من الأشخاص الجيدين و الأعمال الجيدة حين لا نهدي التشجيع لمن يحتاجه “ في وقته المناسب “ دون إفراط أو تفريط .

تَفَقَّد من حولك .. رَكِز على الأعمالِ الجيدة الصغيرة التي يُحاولون القيام بها .. فرُبّ كلمةٍ طيبةٍ تُحيي عزمًا وتُشعل ضوءً كاد أن ينطفئ .


11Nov


كان يتأمل برودة الجو التي تذكره دائمًا ببرودة المشاعر .. تلك البرودة التي يشعر بها حين يجد نفسه غريبًا رغم الآلاف حوله .. حين يتأمل الحياة فلا يجد إلا زُخرفًا يُحاول اختراق كل الحقائق ليحتل قلبه ظلمًا وعدوانًا ليطفئ النور .. أو ما تبقى منه فقط .. 

الحياة جميلة حين ننظر إليها بعينيّ الحق .. بلا إفراط ولا تفريط .. حين تكون في المكان الصحيح وسط الدائرة - ولا يكون ذلك دائمًا سهلاً - .. حين يصبح جمال الأشياء في المعاني لا في الشئ ذاته حتى وإن كان جميلاً باهرًا .. فإنه يزداد جمالاً حين تراه كما هو بمعناه الأصيل ..

تأمل ثنايا الرحمة المختبئة في طيرٍ محلق أو بحر يمد بأطراف خياله إلى روحك البعيدة ، وفي سماءٍ واسعة كسعة آمالك الكبيرة .. في شموخ النخيل ،و خضرة الزرع و ألوان الحياة المتناثرة عليها ..

{ الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار * وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلومٌ كفار

ظلومٌ كفار .. أليس هذا وصفًا دقيقًا جدًا !

“ أنَّه تعالى أنزل من السماء ماءً، فإذا أنت سَمِعْت بالأخبار أنَّ هناك منخفض جَوِيّ مُتَمَرْكِز فوق قبرص، يجب أن تفْهَمَ أنّ هذا المنخفض نِعْمَةٌ ساقَها، فالإنسان قد ينسى نِعْمَةَ الله عز وجل نتيجة المصطلحات الحديثة “ [د.راتب النابلسي ]

كم نسي في زحام الأيام .. نجمةً فوق رأسه تزين السماء .. وقمرٌ ينير ظلام حياته .. وشمسٌ تصحو كل نهارٍ ليُبصر .. ليلٌ يهدأ لِيُهْديَه السكون .. أرضٌ تحت قدميه بُسِطت له .. تسخيرٌ عظيم لكائنٍ جاهلٍ ظلوم ..

{ وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون }

كان يفكر فيما عليه أن يفعل .. فإذا به أبسط ما يكون .. لكنه عن المطلوب أغفَلَ ما يكون  { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قومٍ لا يؤمنون }

ويظل الإيمان العدسة الوحيدة التي يمكن بها إبصار الأشياء كما هي .





29Oct

- بين علامتي تنصيص ( كنوزٌ نامت في بطون الكتب ) -

قال عمر بن الخطاب مرة، جملة هائلة، تنضح صدقًا ومرارة وتجربة ..

قال : “ إذا أصاب أحدكم ودًا من أخيه، فليتمسك به، فقلما يصيب ذلك “ .

صحيح ، لو فكرت في الأمر - بالطريقة نفسها التي يكون الود فيها - في الله - والتي بالتأكيد فكر فيها عمر ..

لوجدت :قلما يصيب ذلك ..

عندما يكون كل منّا، غريبًا في قارة مجهولة من كوكب مهجور في مجرة نائية، تركض بتباعد عن كل المجرات الأخرى، قلما يصيب ذلك .

عندما يكون كل منّا، قد قفل خوذته المفرغة من الهواء على رأسه، وأغلق الشبابيك العازلة للصوت وللأخرين على نفسه، وأبحر بعيدًا في ظلمات عزلته ودياجير وحدته .. - قلما يصيب ذلك ..

عندما يكون باب قلبك موصدًا والدخول إليه يحتاج إلى شفرة سرية ومحاولة اقتحامه مغامرة انتحارية .. فقلما يصيب ذلك ..

.. وعندما يعصف بك الإعصار، ويحاصرك، ويعصرك .. فقلما يصيب ذلك ..

وعندما تشتد العاصفة، وأنت وحدك في العراء، تبحث عن جذع شجرة لتتشبث به، وتعض به على أسنانك .. فقلما يصيب ذلك ..

وفي صحراء حياتك، عندما يكون الظل سرابًا، والماء أسطورة، والحر سوطًا يهوي على ظهرك، ستبحث عن أحد ، وستتذكر .. فقلما يصيب ذلك ..

.. وعندما تشتد الأزمة، وتكثر السكاكين، وتزداد - في الظهر الطعنات-، سترى في الوجوه الناصحة بعض الشماتة، وستكشف الثغور الباسمة عن بعض الأنياب اللامعة، ستؤكد مع نفسك .. قلما يصيب ذلك ..

.. وعندما يصير بيتك سجنًا انفراديًا، وتبحث عنهم وعن أصواتهم، عن وعودهم، وعن وقفاتهم ، فلا تجد غير القضبان حولك ..

.. وعندما يعم الصمت - ساخرًا من كل الأصوات التي سبق وسمعتها - فإذا بالباب لا يدق، والهاتف لا يرن .. وتتمنى لو أنهم .. 

لكن لا ، قلما يصيب ذلك ..

وستتأكد من أنك كنت دومًا غريبًا في المجرة، ربما لم تكن واعيًا بذلك لأنك كنت محاطًا دومًا بزحام من الآخرين وأصواتهم وضجيجهم ، لكن عندما تحق الحقيقة، ويدق الناقور، ستعرف حقًا هويتك وموقعك .. مجرد غريب آخر في مجرة أخرى ..

.. ولذلك عندما ترى ودًا من أحد .. تمسك بذلك ، فقلما يصيب ذلك ..


اقتباس من كتاب [ غريب في المجرة ] 

د. أحمد خيري العمري 

28Oct

- بين علامتي تنصيص ( كنوزٌ نامت في بطون الكتب ) -

“ الحب في الله ؟ ..

فلنعترف أننا لا نعرفه لأننا لم نتعرف عليه - لقد سمعنا به لكنه لم يبق في بالنا، لم نضعه في  قائمة اهتماماتنا .. لم نفكر أننا سنلقاه يومًا ، إنه مجرد كلام، وغير متسق أيضًا .. أو أنه مجرد كلام نظري غير قابل للتطبيق العملي ..

الحب في الله ؟ .. المتدينون عمومًا، يستعملون كلامًا كهذا، شئ يقال عادة في المناسبات والمجاملات مثل بقية كلمات التهنئة والمعايدات التي تختلط فيها الأدعية بالمجاملة؛ باللامبالاة؛ بالصدق .. 

“ يا أخي أنا أحبك في الله “ - ويقسمون على ذلك فيما بينهم، ولعلهم لا ينوون غير الصدق عندما يقسمون، فهي عبارة متداولة فيما بينهم، لذلك فهم لا يتصورونها خارج الإطار المنطوق لهذه الجملة : إنها نوع من أنواع الشكليات في العلاقة فيما بينهم : ولذلك فالحب في الله - في أذهانهم - هو محض علاقة بين متدينين، والتي هي علاقة - يفترض فيها الصدق - ولكنها لا تختلف كثيرًا عن أي علاقة صداقة ومودة بين اثنين- فلنقل إنهما مهذبان ولا يتبادلان السباب والشتائم كمزاح مفضل - كما هو الحال عند كثيرين ..

لكن هل يمكن أن يكون هذا هو الحب في الله ؟ .. أين الله من الموضوع أصلاً ؟ - إذا كان الأمر مجرد علاقة مهذبة بين اثنين مهذبين ؟ ..

لا . ليست تلك العبارة التي نقولها نصف مجاملين، نصف كاذبين، نصف صادقين، نصف لا مبالين..

لا يمكن أن يكون ذلك ..

ذلك أن الرسول الذي لا يكذب أبدًا قال لنا، إن هذا الحب في الله هو عنصر أساسي وصفة حلاوة الإيمان .. 

.. ولقد ذقنا في حياتنا وصفات مختلفة لحلاوات متنوعة أورثتنا المرارة، وبعضها أورثنا الندم.. وبعضها قادنا إلى العدم ..

لكن حلاوة الإيمان هذه، وبالذات من خلال الحب في الله ؟ .. لا .. لم نتذوقها .. ولم نتعرف على وصفتها .. ولم نتخيلها أكثر من مجرد كلمة أخرى تقال من مجاملات العيد .. 

حب في الله ؟ .. نعرف الحب ربما . لكن في الله - الكلمة تبدو نشازًا .. أو هكذا نظن .. حسب القوانين السائدة والتقاليد الشرعية ..


حب في الله ..

صداقة بين يتيمين في الملجأ. كتف تستند عليه مرة، وتحكي له مرة وتبكي له-ربما دون دموع- ألف ألف مرة.

مرة يد تمتد لك، ومرة يد تربت على كتفك . 

ومرة يد تمتد لتمسح لك دمعة ..

مرة أذن لتصغي لك. ومرة لسان يحكي لك، ومرة قلب يدق إذا دق قلب لك ..

.. هاتف يرن عندما تحتاجه . وباب تطرق وأنت في قمة أحزانك، وود يجتاحك وأنت تحتاجه .. 

حب في الله ..

غيمة شفافة عند الأفق .. وضوء ساطع في نهاية النفق .. وشمعة وعود ثقاب، وخريطة - ودواء يحمي من الأرق .. 

حب في الله .. 

صوت: مرة صارخ في البرية . ومرة هامس في أذنيك همسة ندية ، ومرة يتجلى في قلق هائل عليك ، ومرة يتمثل في محض هدية ..

حب في الله .. فكرٌ مضيء يجتاح الحواجز - يلغي الحدود- وتكتشف فجأة أن الذي أضاء رأسك يمكن أن يضيء رؤوس الآخرين - يمكن أن يضيء اللحظات المشتركة ..

حب في الله ..

لا ميزان متعادل، ولا مكاييل للتوازن . ولا مقايضة في المشاعر .. لا حاجة هناك لأن يكون عطاؤك موازيًا لأخذك .. ولا إحساس بالتنازل .. ولا بذل التنازل ..

حب في الله .. لا قيود - لا شروط .. ولا حدود .. 

لا قيود جمركية على ما يخرج منك من عطاء .. ولا شروط ضريبية على ما يدخل إليك من مقابل ، ولا حدود تقف أمامها بانتظار التأشيرة ..

حب في الله : صفاء مجاني يتدفق منك بلا حساب، لا تريد شيئًا بالمقابل ، ولا تطمح لشئ بالمقابل - لا تفكر متى يرد جميلك لأنك أصلاً لا تعتبر أنك قد أديت جميلاً أو فضلاً ..

حب في الله .. إلغاء للمسافات البعيدة ، وتلاق بين القطارات في محطات جديدة ..

نوارس تأتي من بعيد ، وأيادٍ تلوح باللقاء .. وجه أليف يطرق الباب بعد غياب ..

.. وعند الوداع ، دمعة حزينة ، ونظرة حنونة ، وابتسامة مكلمومة ..

.. واتفاق على لقاء بعيد قريب .. حتى لو كان بعد آلاف السنين ..

حب في الله .. هذا هو !


بقدر ما يبدو الأمر خياليًا - فإنه في حقيقته شديد الواقعية ، ويكفي كلاً منا تجربة واحدة فقط ، ليخترق بها جدار العلاقات البليدة المتكلسة ، ويمد بنفسه وكونه نحو ذلك البعد الآخر حيث يتجلى فيه زمنٌ آخر .. وحبٌ آخر .. وحلاوة أخرى .. “


اقتباس من كتاب [ غريب في المجرة ]

د. أحمد خيري العمري

21Oct

“ في عينيه معرفة ومعركة ويقين “


وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال :

( لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ أَوْ رَجُلٌ مِنْ هَؤُلَاءِ ) [صحيح البخاري]


بجسده وبقلبه ضربَ الأرضَ باحثًا ،مسافرًا ،مهاجرًا إلى الحياة ، ليسقي مَواتَ روحه وجفافَ عَقلهِ وقلبه .. وكأن العالمَ كُلَه انحصر في روحه الغَضَة وعينيه تحكي الحُلمَ الطويلَ إلى اليقين .. ألمُ الغربةِ الذي لا يُسبِبُه الرحيل عن الوطن ، وتَرَقُبُ المجهول الذي قد تأتي به الأيام وقد لا تأتي به ،والقلب في لهفه ،والنفس ضامئة لخيرٍ ما .. 

بين أسطر هذه الرواية معانٍ حقيقيةٌ عالية ، قلبُ إنسانٍ حوى أجملَ المشاعر وأسماها على الإطلاق ، بل لم يذقْ البشرُ في حياتهم على مرِ العصورِ ألذُّ من الوصولِ إلى الله بعدَ صادقِ وطَويلِ البحثِ والسير . ظُروفُ الحياةِ التي تُلقينا على عَتباتِ الرجاءِ لِنَعثرَ عليه ، لِنَجده،لِنكلمه لنشعر بقربه الشديد منّا .. ولِنُدرك بعدَ كل هذا أن الظرف لم يكن المقصودُ من كل الحكايةِ بل المقصودُ الخفيُّ كان إليه .. 

وبين أسطر هذه الرواية عزّم لا يقف أمامه جيشٌ جرّار ، وهدوءُ المحاربِ القويّ ، فإنَ القلبَ حين يَنعقدُ على أسمى المطالبِ لا يهتمُ بعدها بأيِّ شئٍ حوله سوى الحصول على ذلك المطلب .. 

( الباحث عن الحقيقة ) ، رواية للكاتب محمد عبدالحليم عبدالله ، سرد فيها قصة حياة الصحابي الجليل سلمان الفارسي بأسلوب أدبي شيق وجذّاب ..


اقتباسات :

  • قلت فيه شعرًا صامتًا .. هل تعرف نظرات العبادة ؟! حين ترى العين من تحبه ولا ترى في آن واحد ؟! وهل سمعت أذنك ذات ليلة صوتًا ثم فتشت عن مصدره فتحيرت وأنت سعيد حين أدركت أن أذنك سمعت قلبك ؟!
  • الفكرة العظيمة لا تأتي إلا نتاجًا لإحساس عظيم يسبقه إرهاص عظيم يهيئ النفس لهبوط الفكرة ، كما تتجلى الطبيعة لمقدم الربيع.
  • وأنا مع يقيني أنني أبحث عن شئ ، فبعض اليقين مرحلة ليقين أعظم .
  • “ أعوذ بك من دعوة بلا رد وعينٍ بلا نور “ 
  • أنا جائعٌ يا سيدي إلى ما هو أسمى من الطعام .
  • وستجد تلك الحقيقة المطلقة الكبيرة التي هي الله أو الطريق إليه ، ستجدها في الحب لا في الحرمان .
  • الأرض لا تلغي من الإنسان شيئًا بل تعترف به طينًا ونورانيًا ويكون في كلتا الحالتين عبدًا طيبًا من عبيد الله .
  • أعظم أنواع الحنين هو ما يخلقه القرب ، ومن ذلك حب الله تعالى .
  • إنني يا أبي أشعر كأنني والدٌ لشابٍ مات ، وأنا الوالد والشاب في وقت واحد . كبرتُ وخرجَ منّي إنسانٌ جديد بعد أن مات فيَّ إنسان . كما تولد الخطوة من الخطوة فتحيى الثانية و تنتهي الأولى .
  • الشوق في عينيه والظمأ على شفتيه والتضحية أقرب الأفعال إلى قلبه .
  • في كل عام يدفن الرجل منّا ذاته في ذاته ، يدفن الأضعف لينبعث الأقوى أو يدفن الأقوى لينبعث الأضعف .. وليس هناك ما يربط الأول بالثاني سوى التذكر .
  • العبرة بما نعبر إليه لا بما ندوس عليه .
  • أحس وهو يشد على كتفه أن رابطه ما تربط بينهما .. تلك العلاقات التي ينشرها الله بين البشر فيجعل المغتربين يحسون بالتآخي .
  • “ إن أسباب دعائي لك ممدودة كحبل من الأرض إلى السماء لا أريد أن يقطع حتى تقطع أنت بيدك القادرة حبل أسري . أما إذا كان ذاك سبيلاً لرضاك ونصرة دينك فلا تقطعه “


“ النور يدخل من القلوب المخلصة كما تدخل أشعة الشمس والقمر من النوافذ المفتوحة “ 


رابط تحميل الكتاب :

http://www.syrianstory.com/pdf/amis-4-43.pdf

14Oct

تنطق بها شفتاه الكريمتان ، فتشع كما الضياء تراه أعين المؤمنين ..

كلمات الرسول .. 

كلمات تخرق القلب .. تكشف ما خلفها من مشاعر دفاقه حملها قلبه فنطقت بها شفتاه ..

لا تكاد تقرأ لرسول الله صلى الله عليه وسلم كلامًا أو دعاءً إلا ويتملكك شعورٌ بالضياء ، بذلك النور الذي يزيل الظلمة التي أحاطت بعينك وقلبك زمنًا و لم تكن تحس به أو تراه .. يزهر كونٌ في داخلك كنت تظن أنك تعيش فيه وهو ذو خضرة .. فإذا به أرض يباب قاحلة وكأن قطرة النور التي تسللت إلى أعماقك قلبت شيئًا في داخلك أو أعادته للحياة ..

نحرم نحن أنفسنا الحياة حين لا نفتح الصحيحين ولو مرة في حياتنا .. حين نحرم أنفسنا من أن تتجول في “ رياض الصالحين “ وفي كل “سنن” البهاء .. حين لا ندع للأعيننا لذة ملامسة كلامه بين هذه الأسطر ..

ربما لم يتسنى لنا العيش معه ، وكيف لا يتمنى المسلم المحب ذلك يومًا أو يتخيله ؟!.. 

لكن .. قد يكون الحظ العظيم الذي نستطيع أن نقوم به هو أن نعيش بين كلماته ..

نسير معه إذا سار .. ونجلس إذا جلس .. نصغي إذا تكلم .. تدمع أعيننا إذا دمعت عينه .. نضحك حين تبدو نواجذه .. نغدو معه في الصباح .. ونرجع معه إلى الحجرات في الليل .. نقف معه في الثلث الآخر وهو رافع يديه يدعو .. نشاركه الحرب والسلم .. ونردفه على ناقته .. .. نجالسه وهو يداعب الصغار ويعطف على الزوجات ..

حين تصطك بك الدنيا ، ويحلولك حولك الظلام ، وتجد نفسك ضعيفًا كسيرًا خائر العزم والقوى .. افتح هذا الباب واقرأ دعاءه وتأمل مشاعره .. سرعان ما سيدفق الفرح في قلبك ..

جرّب .

14Oct

وتتوالى عليه الأوجه وتختلف .. تذكرني بما كنّا نراه من إختلافٍ عجيب في متشابهات الكون ! 

الشجرة الواحدة قد تحمل الكثير من الأوراق إلا أنك لو حاولت مطابقة الورقة بالأخرى فلن تجدهم متطابقتين تمامًا أبدًا ! ، ربما تجد إنحناءً زائدًا أو أن أحدهما أكبر قليلاً من الأخرى ..

ذلك القانون الذي يسري على كل شئ .. { ولا يزالون مختلفين } 


تخيل العالم لو أن الأشياء فيه تشابهت حد التطابق ! .. لن يحمل ذلك الجمال الذي يحمله الآن ..

ولو أن البشر تطابقوا لما استمتعنا بالحياة على هذه الآرض .. وقد يكون الإختلاف فيهم مصدر إثارة وتجدد لحياتهم .. ويجعل فرص التعلم بينهم أكبر وأكثر .. وتتنوع بذلك قصصهم وحياتهم وتجاربهم وخبراتهم ونتاجهم وسعيهم في الحياة .. 

ولو أن البشر تطابقوا لتطابقت أحداث التاريخ .. بل ربما لن يكون هناك تاريخ ! .. ولا داعي لسرد القصص المكررة والتي لا تقدم لهذه البشرية التنوع والتطور والتقدم في الفكر والروح والعقل .. فالآخرون ليسوا كالأولين .. ولا توجد قصص متشابهة تمامًا .. وهذه آية عظيمة حقًا { ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين } ..

ولو أن البشر تطابقوا لما كان هذا التنوع في المهارات والهوايات والإهتمامات .. ولما استطاع أحدٌ منّا أن ينهض بمشروعٍ أو مؤسسة تحتاج لأكثر من وظيفة ولأكثر من مهارة ولأفراد مختلفين حقًا متكاملين بإختلافهم .. 


ربما لا يكفي أن نتقبل الإختلاف .. 

ربما علينا أن نحبه ..

نحترمه .. 

{ ولذلك خلقهم } .

31May

أهلاً بالعالم !

دائمًا ما يكون هذا هو عنوان أول تدوينة وآخر تدوينة في كل مرة أقرر فيها افتتاح مدونة جديدة ..

وفي كل مرة أتمنى أن يستمر ولا يتوقف عند التدوينة الأولى ..

أهلا بالعالم هذه المرة ! .. ومن جديد :)

تم عمل هذا الموقع بواسطة