11 Nov
11Nov


كان يتأمل برودة الجو التي تذكره دائمًا ببرودة المشاعر .. تلك البرودة التي يشعر بها حين يجد نفسه غريبًا رغم الآلاف حوله .. حين يتأمل الحياة فلا يجد إلا زُخرفًا يُحاول اختراق كل الحقائق ليحتل قلبه ظلمًا وعدوانًا ليطفئ النور .. أو ما تبقى منه فقط .. 

الحياة جميلة حين ننظر إليها بعينيّ الحق .. بلا إفراط ولا تفريط .. حين تكون في المكان الصحيح وسط الدائرة - ولا يكون ذلك دائمًا سهلاً - .. حين يصبح جمال الأشياء في المعاني لا في الشئ ذاته حتى وإن كان جميلاً باهرًا .. فإنه يزداد جمالاً حين تراه كما هو بمعناه الأصيل ..

تأمل ثنايا الرحمة المختبئة في طيرٍ محلق أو بحر يمد بأطراف خياله إلى روحك البعيدة ، وفي سماءٍ واسعة كسعة آمالك الكبيرة .. في شموخ النخيل ،و خضرة الزرع و ألوان الحياة المتناثرة عليها ..

{ الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار * وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلومٌ كفار

ظلومٌ كفار .. أليس هذا وصفًا دقيقًا جدًا !

“ أنَّه تعالى أنزل من السماء ماءً، فإذا أنت سَمِعْت بالأخبار أنَّ هناك منخفض جَوِيّ مُتَمَرْكِز فوق قبرص، يجب أن تفْهَمَ أنّ هذا المنخفض نِعْمَةٌ ساقَها، فالإنسان قد ينسى نِعْمَةَ الله عز وجل نتيجة المصطلحات الحديثة “ [د.راتب النابلسي ]

كم نسي في زحام الأيام .. نجمةً فوق رأسه تزين السماء .. وقمرٌ ينير ظلام حياته .. وشمسٌ تصحو كل نهارٍ ليُبصر .. ليلٌ يهدأ لِيُهْديَه السكون .. أرضٌ تحت قدميه بُسِطت له .. تسخيرٌ عظيم لكائنٍ جاهلٍ ظلوم ..

{ وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون }

كان يفكر فيما عليه أن يفعل .. فإذا به أبسط ما يكون .. لكنه عن المطلوب أغفَلَ ما يكون  { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قومٍ لا يؤمنون }

ويظل الإيمان العدسة الوحيدة التي يمكن بها إبصار الأشياء كما هي .





تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة